أفلام مُعادة من الثمانينات
24 فبراير 2013

حين نتذكر الثمانينات، تعود إلى أذهاننا كل تلك الأزياء المبهرجة، وأشياء أخرى تمتّعت بشعبية هائلة في ذلك الزمن مثل لعبة النينتاندو وأيضاً العديد من أفلام الرقص والمراهقين. هذه صورة دقيقة نوعاً ما عن تلك الحقبة الزمنية، لكن الجدير بالذكر أيضاً أن أفلام الثمانينات شكّلت مادة غنية لنسخٍ أخرى مُعادة، طوال ثلاثين عاماً، رأيناها في عدد كبير من الأفلام الكلاسيكية التي أًعيد صنعها أو تم تجديدها لإرضاء الذوق الحديث. ومن المعلوم أنه على الفيلم المُعاد أو المُجدّد أن ينال إعجاب نوعيْن من المشاهدين: المعجبين الأوفياء للنسخة الأصلية والمشاهدين الجدد الذين يذهبون إلى السينما وهم يعلمون أو لا يعلمون أن الفيلم الذي يرغبون بمشاهدته هو عمل كلاسيكي أعيد صنعه لإمتاعهم.

‘21 Jump Street’ original cast members
ولإعادة تصوير عمل كلاسيكي وجهان لا ثالث لهما، فإما أن تنصف العمل الأصلي أو أن تكون قمّةً في السوء لدرجةٍ قد تدفع المشاهد أن يتمنى لو أنه لم يشاهد العمل المجدّد بتاتاً. ويمكن تقسيم أفلام الثمانينات المُعادة إلى ثلاث فئات: الجيدة، السيئة والبشعة. من الأعمال “الجيدة” نذكر 21 جامب ستريت الذي يتمتّع بفكاهة عالية جداً، وهو يمزج عناصر كثيرة من المسلسل الأصلي بالحس الفكاهي الذي يتمتّع بها كل من جونا هيل و تشانينغ تايتوم كما تضمّن ظهوراً لبعض الممثلين الذين مثّلوا في النسخة الأصلية مثل جوني ديب و بيتر دلويز. النسخة الجديدة بقيت وفيّة لتوقعات الجمهور، فتضمّنت الكثير من النكات غير الملائمة، مشاهد ضخمة لتبادل إطلاق النيران، ومعركة لمكافحة الجريمة. أما جمالية الفيلم فهي بجزء منها تعود إلى التذكير المتكرّر عبر النكات والممثلين القدماء، أنه إعادة للنسخة الأصلية، كما أنه لا يحاول أن يكون نسخةً طبق الأصل عن العمل الأول.

‘Tron: Legacy’ (2010)
في فيلم ترون ليغاسي نرى أن التقنية ذاتها استخدمت في إعادة القصة ذاتها للنسخة الأصلية دون محاولة لصنع نسخة طبق الأصل. في هذه الاعادة، يزور سام والده كفين فلين في عالم يسيطر عليه الكمبيوتر، وهو اختلاف بسيط عن النسخة الأصلية للفيلم. ويعتبر هذا العمل مثال رائع عن الأفلام المعادة ذات النوعية العالية، يصوّر بطريقة رائعة العالم الرقمي الذي يحدّد الضور معالمه. تستخدم نسخة الاعادة عناصر من النسخة الأصلية لكنها تضيف عليها عنصر التحديث عبر التقنيات الحديثة للمؤثرات البصرية وإيقاعات فرقة “دافت بونك” الفرنسية. وقد تحوّل هذا العمل السينمائي الفريد إلى رسوم متحركة، مما سمح للجمهور من كافة الاعمار أخذ العلم بعناصر الفيلم الأصلي حتى وإن لم يكون قد شاهده.

‘Clash of the Titans’ (1981)
ومن المعروف أن ليس كل نسخة مجدّدة للأعمال الكلاسيكية تعتبر إضافةً ممتعة إلى تجربة المشاهدة بالنسبة للجمهور؛ بعضها يفتقد إلى الروحية التي كان يرمي لها العمل الأصلي. فمثلاً فيلم صراع الجبابرة هو أحد أعظم أفلام الثمانينات لأنه يجمع ما بين الأسلوب الاخراجي الجديد والميثولوجيا. غير أن النسخة المجدّدة مؤخراً تفتقد إلى روحية العمل الأصلي ومستواه العالي الذي دفع به إلى مراتب الأعمال التاريخية. في العمل الأصلي، تمت إضافة المؤثرات الخاصة عبر تقنية “الستوب موشن” المستخدمة قديماً في تحريك الرسوم، والتي رفعت نوعيّته إلى مستويات قياسية رسّخت ذكراه في قلوب معجبيه. أما النسخة المجدّدة فتقتصر على كونها مجرّد فيلم أكشن فيه بعض الميثولوجيا الاغريقية، مبسّطاً صورة البطل الذي يحارب مخلوقات ضخمة.

‘A-team’ (2010)
وعلى هذا المنوال، نجد أفلاماً مثل أي تيم و الفجر الأحمر اللذيْن لا يكرّمان بالمقدار المطلوب النسختين الأصليتيْن، اللهم سوى عبر محاولتهما السير وفق القصة ذاتها. في الثمانينات، صدرت أفلام فاشلة، وأفلام ناجحة وأخرى تحوّلت إلى أنماط كلاسيكية يجدر ألا تنال منها حمى التجديد والاعادة التي تفشّت في السنوات الأخيرة. نرى مثلاً أن فيلم فتى الكاراتيه كان يجب ألا يتم تجديده، والسبب بمعظمه أن المعجبين الأصليين لا يتقبّلون نسخة مجدّدة من إنتاج ويل سميث وبطولة ابنه. تلك المقولة الشهيرة في النسخة الأصلية “واكس أون واكس أوف” يجب أن تبقى في إطارها الخاص وألا تخرج عنه أبداً. غالباً ما تؤدي النسخ الحديثة لأفلام الثمانينات وإعادة المقولات الشهيرة فيها إلى تمييع نوعيّتها وحتى كينونتها، ولا تضيف إليها شيئاً، فتبدو تقليداً سيء النوعية لها. من المقرّر أن تصدر نسخة جديدة لفيلم رقص سيء عام 2013، وعلى اعتبار أن العمل الأصلي هو نتاج الأداء المذهل للراحل “باتريك سوايزي()”: يجب أن تكون النسخة الجديدة خالية من الأخطاء كي لا يرفضها معجبو أفلام الثمانينات. وغالباً ما لا يتم التشكيك بنوعية الأعمال الأصلية، لأن السبب في تجديد سلسلة هذه الأفلام هي في استغلال الحنين إلى الماضي لجني الأرباح.

‘Karate Kid’ (1984)
لسوء الحظ، مذهب جني الأرباح بهذه الطريقة سيكون سارياً في عدة نسخ مجددة في السنوات القادمة. إن التنبّه للعناصر الفنية في الأعمال الأصلية في فترة الثمانينات، أو المجاهرة بأن الأفلام هي مجرّد إعادة، يخلق عملاً أكثر تأثيراً. ومع ذلك، تصعب صناعة فيلم ينال إعجاب الجمهور الجديد والقديم ويكون إضافةً نوعيةً إلى أعمال حقبة الثمانينات. الحقيقة أنه في حال كان المشاهد من معجبي الأعمال الأصلية أو في صدد اكتشافها للمرة الأولى، فإن أفلام الثمانينات قدّمت لنا منظوراً جديداً للحياة؛ منظوراً لا يزال عرضةً للتقليد بعد ثلاثة عقود من الزمن.