مع اقتراب انطلاق سلسلة عروض أفلام المخرج عباس كياروستامي، نلقي هذا الأسبوع نظرةً على فيلم “كياروستامي: فن العيش” (2003) من إخراج كل من بات كولينز وفيرغس دالي. يسلط هذا الفيلم الضوء على أعمال كياروستامي، فيلجأ إلى نقّاد ومحترفين سينمائيين يناقشون مختلف القضايا والاستعارات والأساليب التي استخدمها كياروستامي في أفلامه بالاضافة إلى أعماله الفوتوغرافية وقصائده.

لا يشكّل هذا العمل إضافةً كبيرة لمتابعي كياروستامي، أو من اطلع على أسلوبه السينمائي (طريقة مزجه ما بين الخيال والواقع عبر التصوير في أماكن حقيقية وممثلين غير محترفين، وطريقته الفريدة في تصوير الايرانيين- وبعد ذلك الفرنسيين واليابانيين – الأرض والمدن، ثم بالطبع طريقته المفضلة في إجراء الأحاديث في المقاعد الأمامية للسيارات).

غير أن النقطة الأهم في هذا الفيلم الوثائقي هي في المقابلات التي يجريها، والدردشات مع المخرج نفسه، بالاضافة إلى مقاطع مأخوذة من أفلامه، لمزيد من الشرح التوضيحي. هناك نقطة هامة أخرى يثيرها الوثائقي، وهي أن العناصر الأهم في أفلام كياروستامي، دائماً ما تكون غير مرئية، وغير موضحة، أو هامشية.

لا شك أن مشاهدة أفلام كياروستامي ليست بالأمر اليسير، فهي دائماً ما تتضمن قصة محبوكة بأسلوب فذّ. هذا الأسلوب الذي نشعر معه بأنه يقوم بمراجعة ذاتية للمكان في عالم الفن والفنانين، بالاضافة إلى مقاربته الشاعرية والذكية لكل الأسئلة الكبيرة في الحياة. “فن العيش” فيلم رائع كمدخل إلى عالم كياروستامي، إنه شبيه بخريطة تاريخية هدفها إرشاد الجمهور إلى مكان وجوده، و الاتجاه الذي يجب السير فيه أو البحث عنه، وما الذي قد حصل سابقاً في هذا المكان.