المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: إمبراطورية ميم

19 يونيو 2012

بقلم ريم صالح، قسم الويب، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: إمبراطورية ميم
إخراج: حسين كمال
العام: 1972
بطولة: فاتن حمامة، أحمد مظهر ودولت أبيض
النوع: دراما

ليس بإمكان السينما العربية أن تكتفي من أسطورة مصر الحية فاتن حمامة. إنها المرأة التي أطاحت بكل قوانين التمثيل، بوجهها البريء ذو الجمال الطبيعي، الذي دخلت به كل البيوت وملكت القلوب. وقد تخطت أدوارها السينمائية الشخصية التقليدية للمرأة، التي تعتبر بشكل واسع أداةً لإثارة الشهوة، أو ربة المنزل التي تقبع في منزلها وتهتم بشؤون عائلتها. وعبر الشخصيات التي لعبتها، أُتيح للمرأة أن يكون لها صوت ورأي ودور فعّال في تطوّر الثقافة. وبعد عرض فيلمها “أريد حلاً” عام 1975، قامت الحكومة المصرية بإلغاء القانون الذي يمنع النساء من تطليق أزواجهن. نعم، باستطاعة الأفلام أن تغيّر العالم.

فيلم “إمبراطورية ميم” الذي اعتبر بشكل واسع ضمن أفضل مائه فيلم مصري، شكّل بداية مرحلة جديدة في المسيرة السينمائية لفاتن حمامة. ففي هذا الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1972، ابتعدت بشكل واضح عن لعب دور المرأة الضعيفة، لتتقمّس شخصية المرأة التي تمارس المسؤوليات ذاتها للرجل. لعبت فاتن حمامة في هذا الفيلم دور منى، أرملة من الطبقة الراقية، لديها ستة أطفال تبدأ أسماؤهم كلها بحرف الميم. هي تعمل في وزارة الثقافة، وهي محترمة جداً في وسطها الاجتماعي، كما تنتشر شائعات بأنه سيتم انتخابها وزيراً.

وبين واجباتها المنزلية ومتطلبات الوزارة، لا تجد سوى القليل من الوقت لنفسها، أو لعلاقاتها بأحمد (أحمد مظهر). فمنذ سنوات وهو يحاول المستحيل كي تقبل الزواج به، مشيراً إلى أنها بحاجة إلى رجل يرافقها على تحمّل أعباء الحياة. غير أنها تقاوم رغبته هذه، على الرغم من سعادتها بحبه.

فهي تريد التركيز على تعليم أولادها. لكن الوقت القليل الذي تقضيه في إدارة شؤون العائلة، يسبب الاحباط لأفرادها. تكون النتيجة هي أن ابنها البكر، مصطفى الطالب في كلية الحقوق (سيف أبو النجا)، يثور. وعلى ضوء شكاوى إخوانه وأخواته، يقومون بمحاولة التحرّر من والدتهم، التي يعتمدون عليها مادياً. بعد ذلك، يكون عليهم أن ينتخبوا ديموقراطياً قائداً جديداً يتولى زمام العائلة. في المقابل، تستخفّ منى بهذه الخطوة، معتقدةً أنها لعبة أخرى يتسلّى أبناؤها بها، لتكتشف لاحقاً أنهم جادون.

يبدأ الفيلم بمشهد لمنى وهي تحاول إقناع أهلها بحقها في اختيار الرجل الذي ستتزوجه. فهو قرار اتخذته بقلبها وعقلها – ولا تستطيع- حتى عائلتها- ثنيها عنه. وينتهي الفيلم بموقف مماثل، حيث يرجع الأولاد إلى طوع أمهم، بفضل حبهم لها، وقرار حكيم منهم.

ولا بد أن الفيلم يلمح إلى الأسلوب المثالي الذي يجب على المجتمع المصري أن يتبعه. العائلة تمثّل الشعب، وهي تضيء على الدور الأساسي الذي يلعبه القائد (أو الأم في حالة الفيلم)، كمعلّم متعدد المهام. من دونها، تتداعى العائلة، وهي الواحدة القادرة على تقييم قدرات ومؤهلات واحتياجات أولادها. في الوقت ذاته، قد تتخطى قيادتها حدود جدران بيتها.

ويثبت فيلم “إمبراطورية ميم” الذي اقتبست قصته عن رواية لإحسان عبد القدّوس، حوّلها إلى نص سينمائي الكاتب نجيب محفوظ، موقف فاتن حمامة المساند للعملية الديموقراطية. فقد رفضت، كونها دعمت ثورة 1952، الظهور على الشاشات المصرية، بسبب معارضتها لنظام الضباط الأحرار الديكتاتوري.

دون أدنى شك، إمبراطورية ميم هو أحد الأفلام الكلاسيكية التي لا يجب أن تفوتكم!

blog comments powered by Disqus