المدوّنة

العودة الى القائمة

الكوميك في الشرق الأوسط

12 أبريل 2013

The Black Mirror

بقلم باتريسيا دونهيو

منذ فترة بسيطة فقط، دار نقاش بيننا نحن الموظفين في مؤسسة الدوحة للأفلام حول الكوميك والأفلام في الشرق الأوسط، وحاولت طيلة الوقت إقناع بعض من لا يحبون الكوميك كون ان يقتربوا من هذا الفن والتعرف عليه. في الواقع، أردت من الآخرين أن يشاهدوا ما أحب أنا في الكوميك وكنت على ثقة بأن جذبي لمزيد من الناس ليحبوا الكوميك سيساهم هذا في نشر هذا الفن في الدوحة.

نعم، لقد كانت دوافعي أنانية تماماً.

وكما فعلت أنا، فإن مهرجان الشرق الأوسط للأفلام والكوميك كون يقوم بالأمر نفسه… ولكن بدرجة أعلى من النجاح.
زرت مهرجان الكوميك كون الأول في العام الماضي وتأثرت كثيراً بما شاهدته هناك. كانت كتب الكوميك تدور حول أمر واحد، وكنت أعرفه جيداً. عندما زرت المهرجان في هذا العام أيضاً، اندهشت كثيراً للنمو الذي حققه المهرجان، فكان الحضور حاشداً والأزياء أفضل وأكثر تنوعاً، وبعض الضيوف كانوا من ضمن مجموعة الكوميك كون التي أقتنيها في منزلي.

لم أكن أتوقع ذلك أبداً.

أردت مشاهدة جوك (‘المرآة السوداء’، “دريد” و ‘سناب شوت’-)، أحد فناني الرسم المفضلين عندي. لكن الجزء الأفضل كان متابعة هذا الحشد الكبير الذي كان يشاهده وهو يرسم، ليتحول فيما بعد إلى عاشق للفن. وبينما اصطفت النساء للحصول على نسخهن الموقعة من “السهم الأخضر“، تحلق الأطفال حول الطاولة ليتحدثوا مع شخص يرسم باتمان.

إحدى الأحاديث الممتعة حقاً التي جرت في نهاية الأسبوع كانت مع بعض الوافدين الجدد إلى عالم الكوميك. إنها كاتبة حضرت المهرجان في العام الماضي كصحفية. ومع أنها لم تقرأ الكوميك قبل حضورها المهرجان الأول، لكنها عادت كمعجبة وضيفة تروج للموضوع الأول من سلسلتها الخاصة.

اسمها مي الشوش، وكتاب الكوميك الذي تعده هو “رسوم“، قصة خيالية فريدة من نوعها تتبع تاريخ وأسطورة “الحناء” من خلال فتاة تقع في عالم ألغاز يمكن فكّه من خلال الرسوم المنقوشة على يدها.

عالم الكوميك لا تسيطر عليه الفتيات أو النساء، ولا يمثله الناس من هذا الجزء من العالم. لكن الأمر هنا مختلف كثيراً. لقد زرت مهرجانات أخرى للكوميك الكون، وأعتبر هذا المهرجان مختلفاً حقاً لأنه أصبح شهادة واضحة على الحاجة لنوع جديد من الإثارة والإهتمام. في عالم الكوميك كون المعروف، الجميع خبراء ولهذا يفقدون الإحساس بالغرابة والدهشة، لكن هنا تشاهد الناس يقعون في حب الكوميك للمرة الأولى.

لا أعرف عن مهرجانات سان دييغو أو تورنتو أو نيويورك، لكني على ثقة بأنك لن تجد صحفية سودانية تعشق الكتابة الإبداعية وترى الفرص التي تحظى بها في مكان مهم ومشوق يهتم ببناء هذه الصناعة. يجب أن ترى هذا التأثير الذي يمكن أن نصنعه في هذا الوسط لأن هذا الفن يبدأ من هنا في هذه المناسبات. توجهت مي إلى المكتبة واشترت كتاب الكوميك الأول بالنسبة لها “حروب النجوم” لأنها تود المواصلة في هذا الأمر ولان هذا المجال أصبح نوعاً من كسر الحواجز والحدود حيث ممرات الفنانين مليئة بطاولات الشباب وهم يرسمون ويشاركون أفكارهم ويحاولون البدء بفنونهم من هناك.

لقد استخدم الكوميك في الشرق الأوسط ليعني المانجا ودارث فيدر وسوبرمان، لكنها الآن تشهد تطوراً كبيراً. مع اعتماد الكثير من الأفلام على الكوميك واقتباس والعروض التلفزيونية من هذا الفن مثل “الموتى السائرون” و “مدينة الخطايا” و “الخاسرون” و “سهم” (السهم الأخضر لم يكن يوماً شخصية جيدة)، شهد هذا العالم انفتاحاً كبيراً على هذا الفن. فهو يوفر الكثير من الإمكانات أكثر مما يتوقعه الناس. الكوميك في الشرق الأوسط لم يعد فقط عن الأعاجيب أو الأكوان الغريبة، بل عن المبدعين المستقلين الذين أصبحوا جزءاً من الثقافة ومنهم شباب“أقتل شكسبير“، مع سلسلة مغامراتهم الملحمية، وأحرف بارد الكبرى ومي الشوش التي أدركت الطريقة الأكثر جمالاً لتروي قصتها عن الحناء من خلال فن متتابع.

التعبير هو التعبير بغض النظر عن الشكل. وهذا المفهوم يشهد انتشاراً في الشرق الأوسط للمرة الأولى. لكني أعتقد بأن وقت الكوميك قد حان الآن، وهو ما أكد عليه المهرجان. وبالتأكيد هذا ما يظهره حسابي المصرفي الذي نقص كثيراً خلال الحدث.

blog comments powered by Disqus