المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: مايكل سينغ

18 ديسمبر 2012

تسنّت الفرصة لفريق التحرير بمؤسسة الدوحة للأفلام خلال الدورة الرابعة لمهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، للقاء مايكل سينغ، والتحدث إليه بشأن آخر أفلامه شبح فالنتينو. يقود الفيلم تحقيقاً مكثفاً حول صورة العرب في الاعلام وتأثيرها على رأي الجماهير بالشرق الأوسط والعرب والاسلام.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي دفعك لمعالجة موضوع صورة العرب في الاعلام؟
مايكل: هدفي المساهمة في تطبيع الاسلام. لقد نشأت في بيئة كان فيها الاسلام ديانةً طبيعية، وكان ذلك في الهند. حين انتقلت إلى أميركا، لاحظت التشويه الذي يطال سمعة المسلمين وتحديداً العرب المسلمين. وقد كان هذا النوع من التصرّف مقبولاً اجتماعياً، وكانت المصطلحات المستخدمة لوصف العرب والمسلمين تتطابق مع المصطلحات التي استخدمها المستوطنون الأميركيون الأوائل في وصف السكان الأصليين. هذه المصطلحات بدت واضحة أيضاً في اللغة التي كان يستخدمها الاقطاعيون والنازيون في ألمانيا. وبعد أن نصحني البعض بأن معالجة موضوع مماثل قد يلقي بظلاله وتبعاته على مسيرتي المهنية، وجدت نفسي أزداد إصراراً على إنجاز الفيلم.

أنا لست متحيّزاً للعرب ضد طرف آخر. إني أميل للعدل وأؤمن بأن تشويه الصور لا يؤدي إلى إحلال العدالة- الجهل أساس كل عنصرية. أما على الصعيد الفكري، فأنا أجد الكثير من عمالقة أهل الفن والفكر غارقون في العنصرية ضد العرب والمسلمين. كل تلك العناصر قادتني إلى البحث والتحقيق عن أفلام تعالج هذه القضية. وجدت أفلاماً عالجت تشويه سمعة اليهود والأفارقة والسكان الأصليين والأميركيين من أصل صيني، أما المجموعة الأكثر تعرّضاً لهذا الأمر، فقد تمّ استثناؤها. بحثت وسألت “لِمَ لا يتعرّض أحد لهذه القضية؟”

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف ترى ردة الفعل تجاه فيلمك في الشرق الأوسط؟
مايكل: أظنها ستكون إيجابية، لكني لا أزعم بأنها ستتضمن عامل المفاجأة. في العرض الأول للفيلم بمهرجان البندقية السينمائي، شعرنا بالفخر لتمكننا من عرضه هناك، لا سيما أن الجمهور وقف وصفق بحرارة بعد انتهائه من العرض. الجمهور هنا لن يتأثر كثيراً لأنه على دراية بكل ما سيراه فيه. بالنسبة له إنه تأكيد على حقيقة يعلمها مسبقاً وليس عملاً يفضح الحقائق.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف بدأت التحضير للقصة التي تخوض في صورة العرب التي تكوّنت على مدى نحو قرن من الزمان؟
مايكل: التحضيرات اقتصرت بشكل رئيسي على الغوض في الموضوع والقراءة كثيراً. وعلى الرغم من غياب أي فيلم يعالج هذا الموضوع، لكني عثرت على كتب عديدة قامت بمعالجته. لذلك قمت إلى جانب شريكتي في الانتاج كاثرين جوردن بقراءات مكثّفة، لوضع لوائح بأسماء أفضل من يجب مقابلتهم، وشاهدنا الكثير من الأفلام وأشرطة البرامج التلفزيونية، وجمعنا أرشيفاً كبيراً مما اعتبرناه بمنظورنا أدلة دامغة. في الوقت ذاته، أمضينا نصف أيامنا نعمل على جمع التمويل اللازم – واستمرت هذه العملية لسنوات.

مؤسسة الدوحة للأفلام: برأيك ما المطلوب لتحويل صورة العرب من صورة الأشرار إلى صورة الشخصية التي تحتمل أوجه عدة، أي الخير والشر على حد سواء في الاعلام الجماهيري وعالم السينما؟

مايكل: نحتاج إلى المزيد من الثقافة حول هذا الموضوع، وتغيير في السلوك. بالفعل أنا أرى العديد من صناع الأفلام الذين ينزعون نحو تصوير مختلف للشخصيات العربية، فهي لها عائلات، وحياة وصوتها ليس مغيّباً. من هذه الأمثلة الايجابية أذكر الملوك الثلاثة و“ميرال”:http://www.imdb.com/title/tt1366409/?ref_=fn_al_tt_1 ، لذلك أرى أملاً في تغيير يحصل، وأرى أيضاً أن الحملات التي تدعو إلى مناهضة التنميط، باتت تكتسب زخماً.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما مدى أهمية أن يقود هذا التغيير صناع أفلام عرب وتحديداً من الشرق الأوسط؟
مايكل: أعتقد أن الصور المتنوعة عن العرب والمسلمين هي قديمة قدم الوسيلة الاعلامية، لكن تأثيرها ضعيف. السبب يعود إلى أن الأميركيين لا يشاهدون الأفلام التي يصنعها مخرجون من الشرق الأوسط، ولا من اسكندينافيا ولا حتى من أوروبا. حالياً، لا يزال صناع الأفلام العرب لا يملكون حيزاً كبير للوصول إلى الجماهير الأميركية، لكي يتمكنوا من التأثير الفعّال.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل يعتبر هذا الفيلم بمثابة دعوة للتحرك على صعيد الجماهير وصناع الأفلام؟
مايكل: من وجهة نظري كمتفرّج، أقول إن مقاطعة الأفلام والبرامج التلفزيونية الأميركية، والترويج لهذه المقاطعة هي إحدى الطرق للقيام بذلك. كنت أتحدث مؤخراً إلى شاب عربي يعشق مسلسل “هوم لاند“، لكنه كان يشعر بتأنيب الضمير لأنه يحتوي على الكثير من العنصرية تجاه العرب. وفيه صورة “العربي الطيب” شذوذ عن القاعدة. لو ظهر ثمة حراك جماعي، أعتقد أنه بإمكان الجمهور أن يؤثر في عملية التغيير. أما صناع الأفلام فبإمكانهم تغيير الصورة من خلال استغلال مواهبهم لصناعة أفلام تتعرّض لما يدور على شاشات الاعلام الجماهيري.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تتحدى نفسك كصانع أفلام؟
مايكل: إحدى الطرق هي النظر في العمق والقراءة بين السطور بدلاً من تشرّب الأخبار كما هي. لا أقصد بأن هناك سوءاً في النظر إلى الأخبار من أجل استسقاء المواضيع، لكني أنظر في العمق وأقيس مدى فرحي وقرفي وشعوري بالمفاجأة. في حال كان شعوراً يرفض أن يدعني وشأني، وإذا كان من شأنه أن يبهرني، فأنا أجزم أنه سيبهر الآخرين – ولقد نجحت في هذا المسار حتى الآن. حين بدأت العمل على الفيلم، بدا غامضاً . لم يعرف أحد ما الذي أحاول قوله. لم يهتم أحد للموضوع الذي أعالجه، ثم تغيّر ذلك شيئاً فشيئاً. طوال الوقت كنت مؤمناً بأني مشاهد عادي وأني لا أملك أي قدرات استثنائية على التمييز والتحليل. إنه كاختبار ليتموس- إذا شدّني الموضوع، فإنه سيشدّ الآخرين. وإذا كانت مشاريعي القادمة تبهرني ولكنها لا تستحوذ على اهتمام الآخرين، فأنا على الطريق الصحيح.

blog comments powered by Disqus