المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: مسعود أمرالله

01 مايو 2012

مؤسسة الدوحة للأفلام: بعد تنظيم النسخة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي، كيف ترى تطوّره وما الجديد الذي أتى به هذا العام؟

أمرالله: لا أعتقد أن المهرجان يتطوّر بقدر تطوّر الأفلام. أذكر أنه في عام 1997، وخلال مقابلة، سُئلت عما يعيق السينما في دول الخليج. جاوبت بعفوية قائلاً:“لا يصح الضرب في الميت”. في تلك الحقبة، لم تكن هناك سينما في الخليج تستحق الحديث عنها، لذلك اعتبرت السؤال عقيماً. إنه يشبه السؤال عن السبب الذي يمنعنا من زراعة التفاح في الخليج.

بكل الأحوال، تغيّرت الأمور في السنوات الـ15 الأخيرة في المشهد السينمائي الخليجي. لقد حصل تطوّر ملحوظ والآن لن يكون جوابي ذاته في حال سئلت هذا السؤال. الآن، بتنا نرى النور الذي في نهاية النفق.

مهرجان الخليج السينمائي هو في الحقيقة نتاج العديد من المحاولات التي أجرتها دول خليجية عدة لابتكار صناعة سينمائية. ما نكرّره اليوم هو نتاج السنوات العشر الأخيرة. وحالياً نرى العديد من المهرجانات السينمائية في الخليج، ومن ضمنها تلك المبادرات الصغيرة على صعيد الجامعات. إننا نسير بخطىً ثابتة.

أجد أن النسخة الخامسة للمهرجان كانت مميزة جداً، جمعت ما بين أفضل المواهب التي تنتمي إلى أجيال مختلفة، لديها الكثير لتتشاركه، وكلها من أهم ضيوف المهرجان.

لا نريد أن ننظم المهرجانات الدولية فحسب، لأنه في رأيي، يأتي السينمائيون العالميون لمشاهدة ما يصنعه أهل الخليج. إذا استمرينا في تطوير الصناعة السينمائية في منطقتنا، فسيعكس ذلك حقيقة صورتنا كمجتمع ودول. لقد أصبحت تلك أولويتنا، ومهرجان الخليج السينمائي يعمل على تحقيق هذا الهدف، تماماً كمؤسسة الدوحة للأفلام ومبادراتها التعليمية. كلنا نرغب في صناعة أفلام والترويج لها ولقصصنا.

مؤسسة الدوحة للأفلام: نلاحظ أنّ هناك هوية محددة للمهرجان: كيف تحقق شعور الإنتماء هذا، حيث يمثل المهرجان “بيت” الفنانين الخليجيين؟

أمر الله: عندما تشعر بأنك في بيتك، فهذا يعني بأنك مرتاح وأكثر من مجرد ضيف. المهرجان لديه حميمية خاصة. ولدى دول الخليج الكثير من الأمور المشتركة فيما يتعلق بالعادات والتقاليد، اللهجة، أو طريقة التفكير العامة… حتى في تقدم أو تدرج تطور السينما. لذلك يعتمد سر نجاح أو فشل المهرجان على روح الحميمية التي يوفرها للحضور.

على سبيل المثال، نحن نفس الفريق الذي ينظم مهرجان دبي السينمائي الدولي، لكن معظم صانعي الأفلام يشعرون بالراحة هنا، وهم قريبون جداً من بعضهم البعض، حتى لو كانت أفلامهم تعرض في مهرجان دبي السينمائي الدولي.

فهذا المهرجان وجد من أجلهم، وما يميزه عن مهرجان دبي هو أنّ لكل منهما هيكلية وشخصية وأهداف مختلفة. في مهرجان الخليج السينمائي، عندما يسير صانعو الأفلام على السجادة الحمراء، يبقون هم النجوم حتى ولو لم يعرفوا من قبل المشاهير الدوليين. لهذا السبب تعني هذه التجربة وهذا المكان الكثير بالنسبة لهم.

إذا رغب أي منكم بالتعرّف على السينما الخليجية، كل ما عليه فعله هو حضور مهرجان الخليج السينمائي. ستتعلمون عن أفلام الطلاب، الأعمال المهنية المحترفة، والممثلين الحاليين… جميعهم يصرون على الحضور هنا نظراً لما يتمتع به المهرجان من هوية فريدة.

في كلمتي الإفتتاحية، ذكرت أني اعتبر هذا العام عام الوفاء، لأن هناك وفاء بين صانعي الأفلام والمهرجان، وهذا هو سحر العلاقة. لقد شجعنا كثيراً بعض صانعي الأفلام على إنتاج أفلام عن المهرجان، وأصبح هذا الأمر الآن دافعهم بعد أن كان المهرجان مقراً لإقامة العلاقات والتعارف.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي الرسالة التي تود إيصالها إلى صانعي الأفلام في المستقبل؟

أمر الله: ما أود رؤيته فعلاً، قبل صنع أي فيلم، هو إدراك ما يدور حولنا. المشكلة في الخليج هو أن الجميع يريدون أن يصبحوا مخرجي أفلام بينما تندر المواهب والمهارات في القطاعات الأخرى.

وظيفة المخرج من أصعب الوظائف، فعليه أن يلم بمعارف عامة واسعة وليس فقط على المستوى التقني، بل في السياسة، وعلم النفس وغيرها من الجوانب حتى يستطيع التحكم بما يفعله. عندما يتعامل المخرج مع أي ممثل، فإنه يتعامل مع نفسيته وليس مع تمثيله فقط، ولذلك فإن الذكاء النفسي ضروري ومهم.

إحدى الأمور الأولى الناقصة هي التمتع بثقافة سينمائية وخلفية كافية عن صناعة الأفلام. من الجيد صناعة أفلام تجارية لكن يجب أن تكون على دراية بالأفلام الفنية الأخرى وأنواع الأفلام وأشكال التعبير المختلفة. السينما هي ثقافة وليست فقط ترفيه كما يروج لها في المنطقة. صانعو الأفلام الوثائقية على سبيل المثال، والذين نفتقدهم كثيراً في الخليج، هم كالرصاص. فإذا لم تدرك حقاً ماهية مجتمعك الخاص، فسيبقى تقديمك لنفسك ضعيفاً، وستكون في خطر من أن تصبح عيناً سطحية أخرى. هذه هي العناصر الرئيسية للوصول والقرب من الذاكرة والثقافة ولغة الناس. هذا مهم جداً.

لا يجب أن تقلل من قدر السينما الآن لأننا بتنا نملك الأدوات التي تسهّل علينا صنع الأفلام. في المقابل، يجب على صانع الأفلام اكتساب احترام الجمهور ومواصلة التعليم. ولا تقلل من قدر الجمهور، فهو أذكى بكثير مما نعتقد.

blog comments powered by Disqus