المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: هانيا مروه

21 يونيو 2011

هانيا مروه هي مؤسسة ومديرة ميتروبوليس آرت سينما، السينما النخبوية (الخاصة بأفلام الآرت هاوس) الأولى في لبنان، والتي تم افتتاحها عام 2006 وتهدف إلى دعم الانتاجات في المنطقة وفي العالم، من خلال تعريف الجمهور إلى السينما البديلة وسينما المؤلف، من ضمنها الأفلام المستقلة الحديثة، والأفلام الوثائقية الابداعية، والأفلام التجريبية. في العام 2009، أسست هانيا شركة أم سي للتوزيع، المتخصصة بتوزيع الأفلام العربية المستقلة، كما أنها شاركت في تأسيس بيروت دي سي، المؤسسة الثقافية للانتاج السينمائي التي تأسست عام 1998، والتي تهدف إلى إنتاج وترويج الأفلام العربية المستقلة، وإيجاد شبكة تواصل وتعاون ما بين صناع الأفلام العرب، وتأسيس مكتبة سينمائية متخصصة بأرشيف الأعمال العربية المستقلة. بالاضافة إلى ذلك، تشغل هانيا منصب المدير الاداري في مهرجان أيام بيروت السينمائية، الذي أطلقته بيروت دي سي، والذي يروّج للأفلام العربية الحديثة والمستقلة، كما أنها مديرة البرمجة العربية بمؤسسة الدوحة للأفلام.

مؤسسة الدوحة للأفلام: من طالبة اقتصاد وراقصة محترفة إلى إدارة ميتروبوليس وتولي إدارة البرمجة العربية بمؤسسة الدوحة للأفلام: هذا تنوّع كبير للمواهب! كيف انتهى بك المطاف إلى السينما؟
هانيا: بمحض الصدفة! لم أخطّط لأي خطوة من مجال إلى آخر، لكن لحسن الحظ كانت كل الأحداث في حياتي غير متوقعة ومليئة بالمفاجآت. لكن الأمر الوحيد الذي كنت أعرفه منذ البداية هو شغفي غير المحدود للفن بشكل عام. بدأت الرقص وأنا في الرابعة عشرة من عمري، وانضممت إلى فرقة رقص احترافية في الثامنة عشرة. كان التحدي كبير لكن التجربة كانت غنية جداً! فالسنوات الثلاثة عشر التي قضيتها مع كركلا للرقص فتحت عيناي على عالم جديد، وتعلمت أكثر من مجرد تقنيات الرقص وفن تصميم الرقصات. فقد أشعل ذلك فيّ الاهتمام بالانتاجات السينمائية والمسرحية، مما قادني مجدداً إلى الجامعة لدراسة السينما.

في الجامعة، قررت مع بعض الأصدقاء تأسيس تعاونيتنا الخاصة للسينما المستقلة، والتي أسميناها بيروت دي سي. ثم أدركنا أننا بحاجة لربط هذه المبادرة بتجارب مشابهة من العالم العربي، وإطلاق عملية التواصل مع صناع الأفلام المستقلين الذين كانوا يعملون في ظل الظروف الصعبة ذاتها. من هنا جاءت فكرة مهرجان أيام بيروت السنيمائية عام 2000. كان المهرجان العربي الأول في المنطقة أجمع، الذي يحتفي بالسينما العربية، مقدّماً منبراً لصناع الأفلام العرب من أجل التواصل والتعاون وتبادل الأفكار سوية.

بعد سنوات، شعرت بالحاجة إلى تأسيس شيء أكرّسه لسينما المؤلف من كل الحقبات، والأنواع والميول، من كل زاوية في الأرض. بعد أشهر من التحضير والبحث عن التمويل، تم افتتاح ميتروبوليس عام 2006، قبل يوم واحد من بدء الاعتداء الاسرائيلي على لبنان. الظروف التي نشأت فيها هذه السينما كانت صعبة وغير مستقرة. غير أن السينما نجحت في الأعوام الخمسة الأخيرة بإيجاد قاعدة واسعة من الجمهور للسينما العربية والعالمية، ولأن تصبح موقعاً متميّزاً في بيروت.

كمديرة لكل من أيام بيروت وميتروبوليس، سنحت لي فرصة اكتشاف جواهر نادرة من التاريخ السينمائي، بالاضافة إلى بعض المخرجين المعاصرين الذين غيّرت أفلامهم حياتي. كما سنحت لي فرصة لقاء العديد من صناع الأفلام والعاملين في قطاع السينما من جميع أنحاء العالم العربي. هذا الذي جرّني إلى الدوحة لأشغل منصب مديرة البرمجة العربية بمؤسسة الدوحة للأفلام: فأنا أعرف الصعوبات التي يواجهها إنتاج الأفلام في العالم العربي، لكني أؤمن أيضاً بالطاقات الكبيرة الموجودة فيه. أظن أن دوري هو مساعدة المواهب الصاعدة في العالم العربي، لكن أيضاً إثارة الفضول تجاه السينما العربية المستقلة ضمن المنطقة.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تختلف السينما المستقلة عن الأفلام العادية التي نشاهدها؟ وما هي أهميتها في الشرق الأوسط؟
هانيا: “مستقل” هي كلمة ملتبسة؛ إنها موجهة لتصف الأفلام التي تتموقع على هامش نظام السوق ومعاييره المحددة مسبقاً. لكن كلمة “مستقل” تعني أيضاً الأفلام التي يتم إنتاجها دون أخذ هدف الربح بعين الاعتبار. وهي الأفلام الأقرب إلى الحقيقة، والمصداقية والانسانية. وهي الأفلام التي تحتوي الكثير من الابتكار الفني والابداع في سياقها. والهدف منها ليس إبهار الجمهور بالمؤثرات الخاصة والميزانيات الضخمة (والديكورات الباذخة، والأزياء وحوادث تحطم السيارات الفخمة) لكنها تفاجئ الجمهور بإبداعها وتميّزها، وتتوجه إلى قلوب وعقول الناس. إنها الأفلام التي تطرح أسئلة هامة وتلقي الضوء على قضايا حساسة، وغالباً ما تترك فينا المزيد من الفضول، والرغبة في البحث عن أجوبة. في الشرق الأوسط نحن بحاجة لتشجيع القصص الشخصية، لا سيما تلك التي تتحدث لغة عالمية بفضل تميّزها.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف ترين تطوّر السينما المستقلة على مر السنوات؟
هانيا: بشكل إيجابي! أظن أن الناس بدؤوا يشعرون بالملل من تكرار القصص ذاتها. إنهم بحاجة إلى أصوات جديدة ومقاربات سينمائية جديدة. المهرجانات في المنطقة تقوم بتشجيع المواهب الشابة للظهور، والمواهب المعروفة أيضاً. التمويل السينمائي هو عامل هام جداً في السينما المستقلة النامية، كما أن برامج التعليم على أهمية أكبر لأنها تسلّح الجيل الشاب بالشجاعة والأدوات التي تسمح له بالتعبير عن نفسه وتطوير مواهبه؛ وتكوين هويته الفنية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كمبرمجة، هل بإمكانك أن تشرحي عمل البرمجة الذي تقومين به وما هي الخطوات المطلوبة للقيام بهذا الدور؟
هانيا: كي تكون مبرمجاً يجب أن تحب السينما! ويجب أن تشعر بالمتعة حين تقدّم الأفلام للجمهور، وتستمع إلى ردود أفعالهم، وتخوض في نقاشات وجلسات أسئلة وأجوبة. يجب أن تدعم صنّاع الأفلام، وتدافع عنهم عند الضرورة، وتتجرأ على تقديم أنواع سينمائية وأشكال وأفكار جديدة. ومع كل عرض تتعلم شيئاً جديداً حول السينما والجمهور ونفسك وخياراتك. أظن أن الخطوة الأولى كي تصبح مبرمجاً هي أن تحب السينما بكل تنوعاتها، ولكن يجب أن تكون أيضاً مستعداً لتحدي نفسك باستمرار. أحد أهم الأقوال عن السينما هو ما قاله روبرت بروسون في كتابه الشهير (‘ملاحظات على الصناعة السينمائية’): “حين يكون الجمهور مستعداً للشعور قبل الفهم، ستكشف لهم السينما كل شيء.” تعلمت الكثير من هذا القول.

Hania Mroué, Chief Arab Programmer for DFI

مؤسسة الدوحة للأفلام: كمسؤولة البرمجة العربية بمؤسسة الدوحة للأفلام، ما هي المعايير التي تبحثين عنها في الأفلام التي يتم اختيارها للعرض في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي؟
هانيا: إنتاج الأفلام يزيد من عام إلى آخر، والاختيار فيما بينها حساس. نحن نبحث دوماً عن أفلام مختلفة، وصادقة، وجريئة، سواء في مواضيعها، أو قصتها أو مقاربتها السينمائية… الأفلام التي تبحث عن صوتها السينمائي الخاص. هناك العديد من الأفلام الجيدة والقوية تقنياً. لكن قلة منها يعتبر ساحراً.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم في تنظيم مهرجان، وما هي أفضل سبل التطوير؟
هانيا: التحدي الأكبر الدائم هو الجمهور، سواء كان المجتمع في قطر، أو النقّاد، والسينمائيين، أو حتى الضيوف المدعوين. توقعاتهم، وكيف نقدّم لهم الأفضل، كيف يمكننا تجنب القيام بتسويات سينمائية، ما هو المقبول وما الذي يمكن وضعه ضمن خانة التجريبية الخالصة – تلك كلها أسئلة نواجهها ونضعها في الحسبان حين نكون بصدد التخطيط لحدث بهذا الحجم. وعبر برمجة المهرجان، تتطور مع جمهورك. كلما زاد تطلبه، كلما واجهك تحدي مفاجأتهم.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف تنظرين إلى تطور مهرجان الدوحة ترايبكا وما الذي يجب أن نتوقعه في السنوات القادمة؟
هانيا: لقد قام المهرجان بخطوات ضخمة منذ انطلاقه. إنه على الطريق لأن يصبح من أحد أضخم المهرجانات في المنطقة، جاذباً المزيد من الاهتمام والانتباه من السينمائيين حول العالم. في السنوات القادمة، أعتقد أن هذا المهرجان سيتابع مسيرة تطوير الثقافة السينمائية في قطر، لا سيما بين جمهور الشباب.

مؤسسة الدوحة للأفلام: يشهد الشرق الأوسط تغيرات سياسية ضخمة. برأيك، كيف يؤثر ذلك على السينما في المنطقة؟
هانيا: برأيي، لا يزال مبكراً توقع هذا التأثير. العالم العربي يمر بمرحلة انتقالية ستؤثر على تاريخ المنطقة. هناك الكثير من الأمل، لكن أيضاً هناك مخاوف وقلق مما قد يحمله المستقبل. هناك إرادة قوية لدى الجيل الشاب للتقدم نحو مستقبل مشرق، لكن هناك الكثير من التحديات بانتظارهم. في هذا الوقت، يقوم صناع الأفلام بإنتاج الأعمال التي تمكنهم من فهم هذا التغيير؛ والتقاط الصور عبر عدساتهم وذاكرتهم. الواقع الآن أكبر من الخيال، وأكبر من أن يتمكن أي وثائقي أن يشرحه لك. سيتطلب الأمر سنوات عديدة قبل أن يبدأ هذا التغيير السياسي بالتأثير على الانتاجات السينمائية في منطقتنا، وقبل أن يدرك صناع الأفلام التغيير الذي شهدوه أو ذلك الذي حققوه.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي أهمية المهرجانات، وما هي قيمة اشتراك المجتمع فيها عملياً؟
هانيا: المهرجانات السينمائية هي سوق هام جداً للعاملين في مجال السينما، حيث تعتبر ملتقى لهم، ومكاناً لتبادل الأفكار والتواصل بشكل عام، لكنه أيضاً احتفاء بالسينما من أجل محبي السينما والمجتمع بأكمله. ومن دون إشراك المجتمع لا يمكنك الاحتفاء! الأيام العائلية فعاليات هامة أيضاً، لأنها تشرك جمهور الأطفال أيضاً.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو فيلمك المفضل ولماذا؟
هانيا: لدي العديد من الأفلام المفضلة! بالنسبة لي الفيلم المفضّل يجب أن يبقى في ذاكرتي لفترة طويلة بعد مشاهدتي له. مؤخراً شاهدت فيلم ‘لي شوفو دو فو” (أحصنة النار) للمخرج باراجانوف، وعنوانه بالانكليزية (‘ظلال الأجداد المنسيين’) وهو يسكن أحلامي.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي تودين قوله لصناع الأفلام الشباب؟
هانيا: أينما كنتم ومهما كانت مشاريعكم، سواء فكرتم أن الفيلم الممتاز هو ما سيغيّر عالم السينما، أو كانت مشاريعكم صغيرة تجريبية عملتم عليها فردياً، فهي تستحق المشاركة! أرسلوا أفلامكم لنا، تسعدنا مشاهدتها!

blog comments powered by Disqus