المدوّنة

العودة الى القائمة

أهل السينما: ديما جعجع

15 مايو 2011

ولدت ديما جعجع في بيروت، لبنان حيث تعيش وتعمل حالياً. درست في الجامعة اللبنانية الأميركية، حيث تلقت شهادة في فنون الاتصال/ راديو، تلفزيون وسينما. في العام 2002 بدأت مسيرتها المهنية في نطاق مرحلة ما بعد الانتاج ككولوريست في شركة البوابة، قبل أن تنتقل إلى شركة في تي آر بيروت ككولوريست رئيسية، ثم تسلمت مؤخراً إدارة القسم الذي تعمل فيه.

مؤسسة الدوحة للأفلام: أنت تعملين في التلوين، ويظهر اسمك على معظم الكليبات العربية. هناك كثيرون يجهلون أهمية هذا الدور، فهل تخبرينا ما هي المهام التي يتضمنها عملك؟
ديما: تدرج الألوان أو تيليسين، هي الخطوة الأولى في مرحلة ما بعد الانتاج، بعد انتهاء التصوير الفعلي. الكولوريست هو الشخص الذي يعمل على المشروع قبل أو بعد انتهاء عملية المونتاج، بحسب الظروف التقنية. هناك شكلان من المشاهد التي أعمل عليها: إما 35ملم/16 ملم أو المشاهد الرقمية. بعد انتهاء التصوير، يتم إرسال الأفلام إلى المختبر من أجل تطويرها، ثم يعاد إرسالها إلى التليسين، حيث أعمل عليها بحضور المخرج ومخرج التصوير (في حالة الفيديو كليب) والوكالة (في حالة الاعلانات). التليسين هو عملية تدريج ألوان هذه المشاهد ومجانسة ألوانها وتحويل المشاهد إلى أقراص رقمية حتى يتمكن المونتير من نقلها بشكلها الرقمي إلى جهازه.

The Telecine suite, where Dima works with her clients.

ليس الكولوريست مجرد عامل: على العكس، يجب أن يمتلك مجموعته الخاصة من الألوان والتدرجات اللونية، وروحية هذا النوع من العمل. يجب أن يكون إلمامه بالأمور التقنية ممتازة حتى يتمكن من إرشاد زبونه إلى الطريقة الفضلى للحصول على أحسن النتائج. ويتم تحديد طبع كل مشهد بالاتفاق مع الزبون، ثم يتمحور عمل الكولوريست على مجانسة ألوان المشاهد كلها، وكل لقطة. وعمل الكولوريست واسع النطاق لا سينما إذا كانت المشاهد مصورة ومضاءة بشكل جيد. يمكنه التلاعب بتباين الاضاءة، وتفاوت الظل والنور، وتدرج الألوان (دافئ، بارد، فاقع الألوان وهكذا دواليك) كما يمكنه العمل على كل لون بشكل منفصل (آر، دجي، بي، واي، سي، أم) وتغيير درجته وإضاءته ودرجة تشبعه. التيليسين ساحر بكل معنى الكلمة بشرط واحد: يجب أن تكون الصورة التي تعمل عليها جيدة. وفي حالة المشاهد المصورة رقمياً، أعمل على المنتجة فحسب بما أنه لا تكون هناك حاجة لاستخدام التيليسين لأن المشاهد هي أصلاً رقمية، لذا يكمن رقمنتها بسهولة.

The image of a machine called Spirit, where Dima puts the negatives (35 and 16 mm). This machine scans the images in real time (25 frames per second), and is connected to the colour corrector and the monitor, where she sees her footage real time.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف بدأتي العمل بهذه المهنة؟ وما هي التحديات والصعوبات التي تواجهينها في نطاق عملك؟
ديما: كان حلمي أن أكون مخرجة تصوير، لكن لأسباب عديدة لم أحقق هذا الحلم. حين كنت في الجامعة كان لدي أستاذ رائع بدأت معه بدروس خصوصية حول السينما وكل تقنياتها. بهرني هذا العالم الساحر فبدأت أتثقف بشكل فردي، محاولة أن أستكشف المجالات التي تخولني العمل في هذا المضمار. ثم تعرفت على مجال التيليسين فقدمت طلب تدرّب في شركة البوابة، ثم تم توظيفي هناك كمساعدة. هذا المجال من العمل بمرحلة ما بعد الانتاج لا يمكن تعليمه في الجامعات، لأنه من المستحيل توفير الأجهزة بسبب ارتفاع ثمنها. تدربت لمدة عام كامل حتى تمكنت من استيعاب طريقة العمل بها وكي أفهم طريقة سير العمل. واجهتني الكثير من الصعوبات في البداية، لا سيما مع الزبائن. لم يكن من السهل عليهم تقبل عملي على مشاريعهم، لا سيما أن التيليسين غير الجيد قد يقود الزبون إلى رفض فيلمه! كان علي أن أثبت نفسي، وأن أعلم عيني لغة الألوان، وأكون قادرة على حلّ أي مشكلة تقنية قد تطرأ خلال الجلسة بحضور الزبون. لم يكن عملي سهلاً في البداية؛ حين أثبت للزبائن بأني كولوريست ولست مجرد عاملة، حتى أصبحت الأمور أسهل وبدأت بالاستمتاع بما أقوم به.

Dima Geagea

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي برأيك الخطوات الأساسية لكي تصبحي كولوريست في الشرق الأوسط؟
ديما: قبل أن أعدد هذه الخطوات، من الأساسي معرفة أنه لا يمكن تعلم هذا الاختصاص في الجامعات. هناك الكثير من الخطوات التي يجب أن يقوم بها الشخص لكي يتمكن من الارتقاء بموهبته. الأهم هو أن يفهم باليت الألوان وكيفية مزجها لكي يحصل على طابع معين في المشهد. ويجب أن يثقف الكولوريست نفسه باستمرار من خلال مشاهدة الأفلام لتعلم أحدث طرق تصحيح الألوان، والاطلاع على الاختراعات والتقنيات الجديدة في هذا المجال. ومن المهم أيضاً لكي ينجح الكولوريست في مجاله، لا سيما في الشرق الأوسط، هو أن يكون ملماً بصناعة الاعلانات، ويعرف بالضبط الألوان التي يجب استخدامها في جلسة تيليسين لمنتج معين.

مؤسسة الدوحة للأفلام: هل ينضم الكولوريست إلى مرحلة ما قبل الانتاج؟
ديما: ليس من الضروري أن يحضر الكولوريست اجتماعات مرحلة ما قبل الانتاج، إلا إذا كان المخرج يملك رؤيا معينة بالنسبة للألوان، أو أنه يريد أن يضيف مؤثرات خاصة لإضفاء طابع معين، على سبيل المثال الطابع الكلاسيكي، القديم، الأسود أو الأبيض، إلخ.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما الذي تعنيه لك السينما؟
ديما: أقول لك بجملة واحدة: السينما تشبه الحب الأول! إنها عالم ساحر يحتاج إلى الكثير من الاحترام والتقدير من الناس الذين يعملون فيها. السينما هي شغفي، وخلاصي!

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو فيلمك المفضل ولماذا؟ وإذا كان الأمر يختلف كثيراً، ما هو فيلمك المفضل من ناحية الألوان، ولماذا؟
ديما: فيلمي المفضل هو “سينما باراديزو“، الذي أخرجه جيوسيبي تورناتوري، لأني أجد نفسي ببساطة في هذا الفيلم. إنه يترجم بالصورة الشغف تجاه السينما الذي لطالما شعرت به وسأشعر به دائماً. لدي الكثير من الأفلام المفضلة من ناحية الألوان لكن إذا كان علي اختيار واحد منها، أول فيلم يخطر لي هو “ديليكاتنس” الذي أخرجه مار كارو وجان بيير جونيه، لأني ببساطة أحب داريوس خوندجي، ولمسته الفنية وطريقة تلوينه بالضوء!

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هو المشروع المفضل الذي عملتي عليه ولماذا؟
ديما: كل المشاريع هي متعة كاملة بالنسبة لي، لكن إذا كان علي الحديث عن أكثرها متعة، سأقول إنه المشروع الأول الذي عملت عليه بحضور الزبون، وقد كان شركة إعلانات وشركة إنتاج. كان ذلك منذ ثماني سنوات وصدقني، يبقى هذا مشروعي المفضل! شعرت حينها بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي، وكنت أعمل بشغف والكثير من الحب كي أنفذ الألوان التي يريدها الزبون.

مؤسسة الدوحة للأفلام: كيف يتطور عمل الكولوريست مع مرور الزمن؟
ديما: لا يتوقف عمل الكولوريست عن التطور. كل جلسة وكل مشروع يعلم الكولوريست طرق وتقنيات جديدة. التعامل مع مخرجين جدد، ومخرجي تصوير جدد ووكالات جديدة، هو بحد ذاته درساً تُلقنه في كل ثانية تعيشها. حين يكون الكولورسيت ملماً بطريقة عمل الجهاز الخاص، لن يكون هناك شيء جديد ليتعلمه. لكن من الناحية الفنية…صدقني، لا يهم عدد السنوات التي تقضيها بالعمل في هذاالمجال، لن تتمكن من إشباع رغبتك بالمعرفة الفنية.

مؤسسة الدوحة للأفلام: ما هي النصيحة التي تسدينها لصناع الأفلام الشباب؟
ديما: أحبوا ما تقومون به، اعملوا بشغف واحترموا هذا الفن المقدس!

blog comments powered by Disqus