المدوّنة

العودة الى القائمة

يعرض الآن في الدوحة: سمكري وخياط وجندي وجاسوس

05 فبراير 2012

بقلم إيميلي س. رويبوش، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: سمكري وخياط وجندي وجاسوس
إخراج: توماس ألفريدسون
بطولة: غاري أولدمان، جون هورت، كولن فيرث
مدة العرض: 127 دقيقة.

في عالم أفلام “جايمس بوند” و“جايسون بورنز“، قد لا يتوقع أحد أن يكون جورج سمايلي ومجموعته مادةً مثيرة في نوع الأفلام الجاسوسية، لكن هذا ليس الطرح هنا. فشخصية جون لو كاريه في الروايات والمسلسلات التلفزيونية هي شخصية جاسوس للراشدين. لكننا نتحدث هنا عن فيلم سينمائي.

يبدو أن كل شيء في فيلم “سمكري وخياط وجندي وجاسوس” مدروس. صبغ المخرج توماس ألفريدسون فيلمه بألوان عتمة لندن وكل ما درج في السبعينات. عمد إلى التقاط المشاهد من خلال قضبان أسوار المنازل وعبر إطارات نوافذها، فأسرنا في هذه العتمة والعالم الخانق الذي ميّز حقبة نشاط أجهزة الاستخبارات في ذروة الحرب الباردة.

حين يُجبر كونترول (جون هورت)، المسؤول عما يشار إليه بالـ :“سيرك” على التقاعد بسبب عملية فاشلة، يأخذ معه مساعده جورج سمايلي. فيُصوّر جورج (غاري أولدمان) على أنه ذلك الرجل التعيس الذي يعيش حياة روتينية مملّة تقتصر على ممارسة السباحة، والذي يترك بريد زوجته بإهمال على الطاولة، متنبهاً إلى تفاصيل صغيرة لا تعني شيئاً إلا لرجل عمل طوال حياته في التجسس. لكن عندما يطُرد من عمله، يضطر للعودة مجدداً من أجل اقتفاء أثر خلية تجسس في المنظمة. الأمر الذي أحاط عملية متابعة تطورات حياة سمايلي بالمتعة.

من أولى الأمور التي يكتشفها سمايلي فور انضمام بيتير (بينيدكت كومبرباتش) إليه كعميل مساعد في التحقيقات، هي أن كوني زميله السابق تم إقصاؤه أيضاً. وبينما يستعيدان الذكريات القديمة سوياً من خلال الصور القديمة، تتذكر أيام زمان التي سبقت الحرب الباردة وما رافقها من عمل سري.

ووفقاً لرغبة كوني، نعود معها إلى الماضي، إلى إنجلترا وهنغاريا وأبعد منهما. يظهر ريكي تار (توم هاردلي) وهو جاسوس شاب اتهم بالهروب من خدمة الجيش الإجبارية، فجأة في منزل جورج حاملاً معه قصة رائعة تفتح أعين المحققين على عالم آخر من احتمالات الغدر والجريمة.

الفيلم مليء باللقطات والمشاهد القصيرة المملّة أحياناً، وبمشاهد أخرى مليئة بتفاصيل مشوقة. يُترك المشاهد لتجميع هذه المقتطفات المشهدية المتفرقة، بينما تتوالى مشاهد أكثر إثارة، فتكون النتيجة تجربة سينمائية مثيرة متقشقة بالسرعة والاكتشافات. يغمرنا شعور الارتياح بعد مضي ساعتين مفعمتين بشعور التوتر. يتخلل الفيلم عدد كبير من الأحداث، لكن قليلة هي تلك التي تعطينا القيمة المتوقعة لهكذا نوع من الأفلام.

برع الممثلون الذين اختيروا من نخبة الممثلين البريطانيين في تأدية أدوارهم، وبشكل خاص أولدمان، الذي كان مقنعاً في دور الرجل المتقدم في السن واليائس والهادئ. لا أحد بريء من تهمة الخيانة. ونشاهد كيف أن الصداقات والعلاقات والعهود تسقط أمام قيم الخير المطلق. الجميع بمن فيهم الخلية التي يتم كشفها في النهاية، يعتقدون أنهم يقومون بالصواب.

بعد ساعتين من المشاهد والموسيقى والألوان الحابسة للأنفاس، تطالعنا نهاية الفيلم بمشاهد احتفالية مأخوذة من حفلة من الماضي، طغت عليها الابتسامات والضحكات والموسيقى الصاخبة المفهمة بالحياة. يبدو أن الهدف من تلك النهاية كسر حدّة أجواء الفيلم التي كانت سائدة، إلاّ أنها افتقرت إلى حد ما إلى المصداقية كونها تلت أجواء درامية بحتة.

ما يعلق في ذهن المشاهد بعد خروجه من قاعة السينما، هي دقة التفاصيل فيلم، بدءاً من التمثيل، إلى الاهتمام بالتفاصيل، واستعمال الصور المجازية في التعبير. وعلى الرغم من أن الفيلم يعتبر الانطلاقة العالمية الأولى للمخرج ألفريدسون، إلا أن ثقته بذاته برزت في كل دقيقة من الفيلم. واستطاع إنجاز عمل سيظل عالقاً في ذهن المشاهد لوقت طويل.

video#1

blog comments powered by Disqus