المدوّنة

العودة الى القائمة

يعرض الآن في الدوحة: الشيء

22 ديسمبر 2011

بقلم جايمي ريوردان، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: الشيء (2011)
إخراج: ماتيجس فان هاينغن
بطولة: ماري إليزابيث وينستيد، جويل أدغرتون وأولرخ ثومسون
النوع: رعب، غموض، خيال علمي.

تلقى كل معجبو أفلام الخيال العلمي خبر نسخة مكملة لفيلم ‘الشيء’ الذي أخرجه جون كاربنتر عام 1982، بمزيج من القلق والحماسة، اللذان لا يظهران إلا حين يتم إخراج فيلم كلاسيكي من القبو، لصناعة نسخة أخرى منه، أو في هذه الحالة، نسخة مكملة. تماماَ كالأطفال الذين ينتظرون والدتهم المضطربة نفسياً أن تعود من عملية تجميلية، انتظر معجبو أفلام الخيال العلمي، الشكل الجديد الذي سيتخذه فيلمهم العزيز على قلوبهم. هؤلاء موصوفون بالغرابة، وأنا كذلك، لذلك بإمكاني فهمهم. وذهبت إلى السينما لمشاهدة الشيء (2011).

يقول المنتجون إن هذا الفيلم مكمّل للجزء الأول الذي يخلو من الأخطاء والذي أخرجه كاربنتر، حيث شاهدنا فريقاً صغيراً من أميركيي المحيط المتجمد الشمالي، في مخيمهم، معزولين عن العالم، وغارقين في عاصفة ثلجية، وفي خيانة بعضهم البعض، بعد أن يصبهم مزيج من جنون الارتياب والعزلة، في ظل تهديد يتعرضون له من وجود مخلوقات فضائية فيما بينهم. صحيح أننا شاهدنا نماذج كثيرة عن تصرفات المخلوقات الفضائية، لكن هذا الوحش الفضائي يملك القدرة على الانتشار كالفيروس في الأجساد، مؤثراً على أشكالهم الخارجية، قبل أن يظهر نفسه بشكله الشرس الفضائي، ذو الأسنان التي تصدر صريراً.

أما عنوان هذا الفيلم الذي لم يتغير، فينبئنا عن مدى اختلافه عن سابقه. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف سيتمكنون من معالجة قصة الفريق النرويجي؟ أما بالنسبة لمن لم يشاهد الفيلم الأصلي، فهو يبدأ بالعالمين النروجيين المتبقيين في المحيط المتجمد الشمالي، وهما يحاولان اقتفاء أثر كلب هاسكي على الثلج والجليد، في محاولة يائسة لقتله ومنع الفيروس الفضائي بداخله من الانتشار. أما فيلم “الشيء” الذي تم إنتاجه عام 2011، فيبدأ بعثور النرويجيين على سفينة فضائية مدفونة في الثلج منذ 100 ألف سنة. حتى الآن كي شيء جيد.

ويبدو أنه في هذه المرحلة، قرر المنتجون أن الفيلم يجب أن يتضمن أميركيين، لأن لا أحد سيرغب بمشاهدة مجموعة من النرويجيين يتراكضون في الثلج، مهما كانت لحاهم مثيرة للاعجاب. فنقفز مع الفيلم إلى مقدمته، وبطلته كايت لويد، التي تلعب دورها ماري إليزابيث وينستد التي اشتهرت في مسلسل “سكوت بيلغريم”. فتظهر للمرة الأولى وهي تفحص جسد ما يبدو أنه مخلوق فضائي من الفيلم الأول، لكن لا يظهر أثر الرعب على أحد. وبدلاً من ذلك، يصل الدكتور ساندر هالفرسون الذي يلعب دوره أولرخ ثومسون، ليضم الباحثة عن العظام الشابة هذه والذكية إلى فريقه. ويخبرها، بعد أن يتجاهل الوحش الغريب أمامه، خارقاً قواعد السرية، بالعثور على جسم غريب في الثلج، وفيه مخلوق غريب يريد منها أن تفحصه.

وبعد برهة قصيرة من التريدد، تنضم إلى مجموعة من الأميركيين، للمساعدة في زيادة عدد قاطني الكابينة في المحيط المتجمد الشمالي، والتأكد من أن وقت الممثلين ال 17 سيكون ضيقاً، إلى درجة أن لن يرف جفن أحد حين يتم اقتلاع رؤوسهم، بعد أن يذوب الجليد عن الوحش المخيف.

عار كبير كيف تم التعامل مع هذا الفيلم المكمّل. إنه يتضمن كمية لا بأس بها من المفاجآت، وإن كنتم من محبي القفز من أماكنكم، هناك الكثير من الأحداث التي ستتسبب لكم بذلك إلى درجة أنها ستبقيكم مرتفعين في الهواء. ولكن إن كنتم من محبي الخيال العلمي، فإنكم للأسف لن تجدوا ضالتكم في هذا الفيلم. فالحبكة تشبه القصة الأولى، ولست متأكداً من أن الكتّاب قرروا كتابة نص منفصل تماماً أو تجديد نص سابق رائع.

أما تمثيل وينستيد وثومسون فكان رائعاً لا سيما حين تحديا بعضهما على خلفية الطرق العلمية التي يتبعها كليهما. كما أن كايت ترغب بشدة بإثبات نفسها كامرأة تعيش في الثمانينات. وفي النهاية، حين يتضح أن الشيء أصبح ربما بينهم، تصبح كايت هي القائدة، بعد أن تقود عملية اكتشاف من قد يكون تحول إلى كائن فضائي. وفي هذه المرحلة، يصبح الفيلم مثيراً للضحك، لأن الاختبار العلمي ينص على أن الشيء لا يمكن أن يقلد سوى المواد العضوية، لذلك يصبح كل من لا يملك حشوات في أسنانه، مشكوكاً في أمره.

أما المؤثرات الخاصة في الفيلم الأصلي فكانت رائعة. وكما رأينا في فيلم “كلاش أوف ذا تايتنز” المجدد، تبين أن المؤثرات الخاصة العصرية لا تمت بصلة إلى الواقع وليست مثيرة للخوف. لكن الفرادة في هذا المخلوق الفضائي، هي قدرته على الانقسام وتحويل خلاياه حين يرغب، إلى أشكال المخلوقات الأخرى التي امتصها على امتداد 100 ألف عام. ويفعل ذلك إما للهروب من أعدائه أو القبض على ضحايا جديدة.

وفي الفيلم إشارات إلى بعض الأمور التي نشاهدها في الفيلم الأول، كبقايا الناس والأشياء، فنجد مثلاً فأساً في جدار، أو الأجساد المنصهرة لكل من فولنر وفينش. لكن حين تكون أفضل لحظة في الفيلم هي لحظة ظهور شريط الأسماء في النهاية، ومعه النرويجيان يبحثان عن الكلب ذو العدوى على الجليد، وهو مشهد مرتبط بالفيلم الأول، يجب أن نسأل أنفسنا لماذا نستمتع بهذه اللحظات العابرة أكثر من أي مشهد آخر. الاجابة هي أن هذا المشهد هو مقدمة الفيلم الأصلي، ولا شيء نراه في الفيلم الثاني يضاهيه جودةً ومتعة.

ربما أشكو كثيراً لأني من أشد معجبي الفيلم الأول. لكن الحق يقال، قد تمتعكم مشاهدة النسخة الجديدة. طريقة خطف الضحايا مؤذية، والطريقة التي يتشكل بها “الشيء” كابوس. لكن المثير للاهتمام أن الفيلم يترك الحبكة غير محلولة في نقطة معينة، مما يترك مجالاً لصناعة أجزاء أخرى للفيلم. وإذا حدث وأن قرر المنتجون صناعة جزء آخر، قد أهتم بمشاهدته، لأن هناك الكثير من الأسئلة التي لا أجوبة عليها، والتي كنت آمل بإيجادها في هذا الجزء- مثل: ما هو الشيء، من أين يأتي، وأين كان ذاهباً حين وقع على كوكب الأرض المتأخر؟

يجب أن تتساءلوا عن حبي لأفلام الخيال العلمي حين تنتهون من مشاهدة الفيلم. بالنسبة لي، ليس هناك أي نوع سينمائي آخر دونه، يفتح مجالات عديدة للجدل الفلسفي والنظري. لذلك من المؤسف أن الفكرة الوحيدة التي جالت في خاطري بعد أن انتهيت من مشاهدة الفيلم، هي الخوف من أن يكون الجزء الثاني لفيلم “أليان” للمخرج ريدلي سكوت شيئاً شبيهاً بذلك. أحياناً يقومون بالأمر بالشكل الصحيح، كما في فيلم “صحوة كوكب القرود (2011)، لكن في حالة فيلمنا هذا، سار الأمر بشكل سيء، إلى درجة أنني أكاد لا أذكر أي شيء جيد من هذه المحاولة البائسة لصناعة جزء مكمل للفيلم الكلاسيكي الرائع من إخراج جون كاربنتر.

للترجمة العربية اضغط على

The Thing (2011) - Trailer

إعلان فيلم الشيء (2011)

blog comments powered by Disqus