المدوّنة

العودة الى القائمة

كوريولانوس

22 مارس 2012

بقلم جايمس روسن، من قسم وسائل الاعلام الجديدة، مؤسسة الدوحة للأفلام

المخرج: رالف فينيز

النوع: دراما، تاريخ، إثارة

بطولة: رالف فينيز، جيرارد بتلر، برايان كوس، فانيسا ردغرايف

اضطرابات مدنية واسعة النطاق. أعمال شغب بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية. سياسيون يتم نفيهم. من قال أن شكسبير بعيد عن الواقع المُعاش؟

يبدأ رالف فينيز رحلته الاخراجية الأولى في فيلم تدور أحداثه في روما (على الرغم من أن التصوير تم في بلغراد، مما أدى لظهور الطابع الأوروبي الشرقي بوضوح)، حول كايوس مارتيوس كوريولانوس (رالف فينيز)، أحد قادة الجيش الأشهر في روما، والذي يخوض جيشه حرباً طاحنة مع دولة فولسز المجاورة. وبفضل شغفٍ نشأ عن كرهه الكبير لقائد الجيش الفولسزي، تولوس أوفيديوس (جيرارد بتلر)، يصبح كايوس مارتيوس محارباً عظيماً في نظر شعبه، غير أنه لا يملك سوى الازدراء تجاه فقراء روما الذين يعانون المجاعة والأيام العصيبة. وبعد انتصار عسكري كبير، تجد والدته الطموحة فولومنيا (فانيسا ردغرايف) الفرصة سانحة لأن يصبح ولدها سيناتوراً، على الرغم من أن ذلك يفرض عليه أن يتحلى بقليل من الديبلوماسية تجاه شعبه. يحاول أن يتحلى بالديبلوماسية لكن طبيعته غير السياسية، تجعله غير قادر على كفّ لسانه، حيث ينفجر مستخدماً لهجةً قاسية مزدرية في ظهور عام له، مسبباً ثورةً شعبية ونفيه من روما.
وبعد أن يخلّف عائلته وراءه، يتحد كوريولانوس مع غريمه السابق تولوس أوديفيوس، فيعود إلى روما، لكن هذه المرة كقائد جيش غزاة.
ولا يخفى أن قرار الابقاء على النص الشكسبيري الأصلي سبّب بعض العوائق التي كان من الممكن أن تشكّل تحدّياً أمام أي مخرج محترف، فكيف بمن يخوض تجربته الاخراجية الأولى. في المقابل، نجد أن فيلم “روميو+جولييت” للمخرج باز لورمن (على عكس كل الأحكام التي ستُطلَق دائماً على الأفلام الحديثة المعتمدة من روايات شكسبير)، أظهر أن حوارات روايات القرن السابع عشر يمكن أن تكون واقعية جداً في حياتنا المعاصرة. لكن كوريولانوس ليس “روميو+جولييت”: فالقصة ليست وكأن جميع من في العالم يعرفها، والحوار أبعد ما يكون عن الواقعية.

ويرقى فيلم فينيز إلى مستوى التحدي، ولا شك أنه قدم أفضل ما عنده في الفيلم، كي يبقي على نص الحوار دون إجراء تعديلات. ويبدو أداء الممثلين للنص رائعٌ بالمجمل: فقج لعب بتلر أفضل أدواره من خلال الجلاّد أوفيديوس، أما رالف فينيز فيأسر الناظر بأدائه خلف الكاميرا كمخرج وأمامها كممثل بدور كوريولانوس العصبي والمجنون (وهو دور كان لعبه مسبقاً على خشبة المسرح)، كما أن كل من جيسيكا تشاستاين في دور الزوجة المحبة فيرجيلا، وبرايان كوكس بدور المستشار السياسي منفتح القلب مينينيوس، فيضفيان لمسة رائعة من خلال دوريهما الصغيرين. ويبدو أداء جايمس نزبت لدور المتلاعب وغير الصادق سيسينيوس، مخيّب قليلاً للآمال.

ويتخلل الحوار لحظات حيث يبدو فيها فينيز غير قادر ببساطة على الاعتماد على طريقة أداء ممثليه للتعبير عن الحبكة (“أنا… أتحدث أكثر مع أطراف الليل، من جبين الصباح” هي إحدى الجمل الأقل وضوحاً). في حالات كهذه، هو يدع الاخراج السينمائي يخبر القصة: ابتداءً بالخطابات المبالغة، إلى المشاهد العائلية الحميمة، والتصوير الدرامي والجريء، ليضفي وضوحاً على كل المشاهد. إنه مخرج يعرف تماماً ماذا يفعل: فقد كنت أشاهد الفيلم في دار للعرض مليء بالنقاد السينمائيين الذين يتحدثون الانكليزية كلغة ثانية، ولم أسمع أية شكوى تناولت أي أبهام يلف حبكة الفيلم.

وأخيراً، فانيسا ردغرايف. لا يسعني سوى القول إن أداءها لدور فولومنيا كان رائعاً. فهي الأم التي تخاطر برؤية ابنها يهدم المدينة التي قضت عائلتها مئات السنوات في بنائها، فأخرجت كل ما في شخصيتها من شموخ وصراع وضعف بحساسية فائقة وقوة، يجب أن تشاهد بأم العين كي يتم تصديقها. فاتنة بكل ما للكلمة من معنى.

جايمس روسن

للترجمة العربية اضغط على

Coriolanus - Trailer

blog comments powered by Disqus