المدوّنة

العودة الى القائمة

الحب في السنيما الشرق أوسطية

06 فبراير 2013

From the film 'Professor'

لا حدود للحب، فقد وقع الانسان في حب أكثر الأشياء غرابة، فشهدنا أنه وقع في حب نفسه، وبالجماد، وحتى الحيوانات الرقمية التي وردتنا اختراعاتها من اليابان. الحب يأتي في أشكال وأحجام مختلفة، لكنه يتأثر حتماً بالمجتمع الذي ينمو فيه. جمال الحب أنه قادر على تجاوز هذه الحدود أحياناً، وحين يتم تسجيل هذه الحالة وتوثيقها في فيلم أو رواية أدبية، يمكن أن تحتفظ بجاذبيتها لمئات السنين. إن تصوير الحب في السينما الشرق أوسطية فيه الكثير من الديناميكية، لكنه لا يزال متأثراً بالمجتمعات المختلفة والقيم الثقافية.

تعكس قصص الحب في الشرق الأوسط واقع المجتمعات التي تعيش فيها شخصياتها – هذه المجتمعات دائماً ما تمثل فيها أوجه سلطة قاهرة. ويتفشى الحب خارج سيطرة هذه السلطة ويمكن أن نرى أحد أشكاله في ممنوع دخول الرجال للمخرج رامبود جافا. هذا الفيلم يلقي الضوء على حياة شابات تدرسن في إحدى أشد مدارس البنات تشدّداً في طهران ومحاولاتهن الاستعلام عن موضوع الحب من ناظرة المدرسة التي تعيش حالةً من السأم، السيدة دارابي. تخبرهن السيدة دارابي أن الحب الحقيقي هو فقط تلك المشاعر التي تجمع بين الأم وأطفالها، أما كل ما تبقى فهو ليس إلا مشاعر وهمية، سببه اضطرابات هورمونية.

video#1

في هذا الفيلم، نجد أن تعريف الحب يأتي على لسان شخصية أكبر سناً، في موقع سلطة، على افتراض أنها تملك الحكمة، بدلاً من الفتيات اللواتي يعشن حالة هذا الشعور للمرة الأولى. يستمرّ هذا الحوار الفكاهي حتى تطرح إحداهن السؤال “ماذا عن روميو وجولييت؟“، فتجيب الناظرة قائلةً “هذا النوع من الحب لا وجود له إلا في الروايات”. هذا يوضح الشكل الذي يتخذه الحب في مجتمع ما بحسب نظامه، وصل إلى درجة إنكار إحدى أروع روايات الحب الأدبية في التاريخ. المشهد فكاهي ولا جدال في ذلك، لكنه يعكس صورة للحب الذي يتأثر شكله بالعادات والأعراف المجتمعية.

أما من الناحية الاجتماعية، علاقات الحب الرومانسية في الشرق الأوسط، نادراً ما تحدث خارج إطار الزواج. لذلك مدهشة هي مشاهدة هذا العدد الكبير من الأفلام التي تعالج الصور المتميزة للحب الثائر. نجد مثلاً فيلم القلب الأحمر قصة حبيبين يحاولان التأقلم مع التقاليد ليتمكنا من الزواج، غير أنه يتم رفض طلب زواج شيرين وسوران بسبب القيم الدينية لعائلة سوران. وتماماً كما حدث مع عائلتي كابوليت ومونتاغ (عائلتا روميو وجولييت)، يحارب شيرين وسوران كل الصعوبات ويهربان سوياً معارضين رغبة عائلتيهما والمجتمع الذي يعيشان فيه. أيضاً فيلم حبيبي راسك خربان للمخرجة سوزان يوسف، وفيلم الأستاذ للمخرج محمود بن محمود و الخروج من القاهرة للمخرج هشام عيساوي كلها تروي قصصاً ثورية عن تحدي المجتمعات والتقاليد باسم الحب.

video#2

السينما العالمية فيها أيضاً بعض أوجه السينما الشرق أوسطية؛ غير أنها تبدو أقل اهتماماً بالحاجة إلى الثورة ضد مجتمع معيّن باسم الحب. ليس على الأفلام العالمية أن تنسجم مع هذا الكم من التحفظات الثقافية والدينية. ففي الغرب تلاشت سلطة وتأثير العائلة بشكل كبير، بينما لا يزال الالتزام بالقيم الثقافية والعائلية شائعاً في الشرق الأوسط – مما ينعكس على سينماها. وبرغم أن كلا النوعين من السينما لديهما أوجه شبه واختلاف، تظهر حاجة السينما الشرق أوسطية إلى المزيد من مواجهة تأثير المجتمع للحصول على ما هو مرغوب، وهي صعوبات الحياة اليومية هناك. لكن أفلام قصص الحب ليست بغريبة عن هذا الجزء من العالم، فنجد أفلام مثل قديش اتحبني لفاطمة زهرة زموم، و“أطفال الجنة”:http://www.imdb.com/title/tt0118849/?ref_=fn_al_tt_1 لماجد مجيدي ، و الجنة الآن لهاني أبو أسعد، تقدم أوجهاً استثنائية للحب؛ وهي تعكس فرادة الشخصيات، لا يهم إن كانوا أطفالاً يبحثون عن فردة حذاء مميزة، أو انتحاري ينقذ حياة أعز صديق له.

video#3

إن ربط الثورة والحب موضوع شائع في الشرق الأوسط، ويعكس تأثير المجتمع والتقاليد بينما يوجد شكلاً من القص يمكن أن تتآلف معه شعوب العالم. وعلى الرغم من أن التحفظات الكثيرة في مجتمعات الشرق الأوسط هي ما يدفع إلى شيوع قصص مماثلة، فلا بد من الاعتراف بأن شعبية الموضوع لها تأثير كبير أيضاً. فلقد استرعت الأساطير الاغريقية والأعمال الأدبية جماهير عديدة عبر فكرة الحب الممنوع وتلك المسافات التي على الحبيبين قطعها من أجل اجتماع شملهما.

في المطلق، إنه ذلك المزيج الثقافي وشعبية الحب في العالم ما يميّز أفلام الحب الشرق أوسطية. إن كنت تبحث عن أفلام جيدة من الشرق الأوسط، فابحث عن الأفلام التي ذكرناها هنا وسوف تعجبك بالتأكيد.

blog comments powered by Disqus