المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: قداش أتحبني (2011)

22 يناير 2012

بقلم ريم صالح، قسم الاعلام الجديد، مؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: قداش أتحبني
إخراج: فاطمة الزهراء زعموم
بطولة: رسيم زمنادي، نجيه دباحى لعراف، عبد القادر تاجر
عام: 2011
مدة العرض: 98 دقيقة

أُرسل عادل (رسيم زمنادي)، ذو الثمانية أعوام إلى منزل جدّيه لتمضية عطلة نهاية الأسبوع، لكن سرعان ما يتحول اليومان إلى أسبوع. فالوضع غير مطمئن؛ خلاف والديه يقودهما إلى طلاق حتمي. إلاّ أن وجوده في أحضان جدّيه خديجة “نجيه دباحى لعراف” و لونس “عبد القادر تاجر“، حوّل إقامته إلى درس مؤثر حول الحب.

“قداش أتحبني” هو العمل الثاني للمخرجة الجزائرية فاطمة الزهراء زعموم، التي كتبته وأخرجته وأنتجته بنفسها، مضيفةً بصمةً نسائية على موضوع الطلاق وتأثيره على العائلات المعاصرة.

لا يتناول الفيلم قضية الطلاق بشكل مباشر، بقدر تناولها من عيني الطفل وجدّيه. هذا الطفل يمضي معظم وقته مع جدته البسيطة محدودة التعليم، والتي تحتويه بعطفها وحنانها، وتحاول إسعاده بشتى الطرق، من خلال ترتيبها لغرفته أو مرافقته إلى حديقة الحيوانات. وتعكس لنا معايشتها لهذه المرحلة، الوحدة التي تتآكلها من الداخل كامرأة وزوجة وجدة، والتي اكتشفت من خلال حفيدها، أن جزءاً منها بحاجة لأن يحيا من جديد.

أثار وجود عادل في حياة خديجة مشاعر عديدة، ودفعها لاكتشاف أمور جديدة دون علم زوجها، كالذهاب إلى السينما للمرة الأولى. ويتحول الحفيد وجدته إلى متواطئان لا ينفصلان في مغامراتهما، وهي الطريق الأفضل للتخلّص من الضغوط العائلية.

في المقابل، جدّ عادل يمثّل شخصية الأب الجزائري التقليدي، الذي لا يحب إظهار مشاعره. لا يمنع حفيده من إبرازها، لكنه يتجنب إظهارها أمامه، خوفاً من إضعاف شخصية الولد أو ما هو أسوأ… ظهوره بمظهر ضعيف أمامه. تتجلّى حدّية طباعه عندما يعترض بانفعال شديد على الوقت الطويل الذي يقضيه عادل مع جدته في المطبخ، متحججاً بأن “الصبية لا يطبخون”. إلا أنه هو من يعرّف عادل على عالم الحيوان ويطلعه على كيفية الاعتناء بالطيور والحيوانات الأليفة.

أضاءت ردود الفعل المختلفة التي أظهرها الجديْن، على الثغرة في التواصل فيما بينهما، والتي تشعر بها النساء بشكل أكبر. وتلك مشكلة عالمية كما وصفها مايكل أنجلو أنطونيوني في فيلم “لافانتورا” (المغامرة) عام 1960، حيث النساء هن أول من يشعر بنقص التفاهم في العلاقة أو عندما يشوبها خلل ما.

ويلعب وجود الطفل مع الزوجيْن الكبيرين في السن دوراً كبيراً في عملية تقييم الماضي. فحين يرى لونس حفيده عادل وهو يعاني من حرارة عالية بعد مشاهدته لشجار ينشب بين والديْه، يسأل قائلاً: “أين أخطأنا؟” فتجيب خديجة” “كنتَ قاسياً على الأولاد”.

أما عادل فيأسرنا بآدائه. ولحضوره إلى جانب جدته جاذبيةٍ كبرى على الشاشة. فأينما ذهبا، جلبا معهما الفرح والأمل وكثيراً من العاطفة. لدرجة تدفعنا للسؤال عن مصير الإثنين في حال افترقا.

“قداش أتحبني“، الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي الثالث، شدّ انتباهي نظراً لبساطة سرده الوقائع، ولحسن اهتمامه بالتفاصيل إلى جانب الآداء الرائع لأبطال العمل. إنه فيلم يصوّر المشاعر الحقيقية، والطبيعية، وبراءة الأطفال، وتفاعل الكبار في إطار واقعي شاعري.

انتقت زعموم، وهي أيضاً رسامة، مشاهدها بدقة، بعيداً عن عشوائية التصوير، ما نتج عنه دراما لطيفة يمكن أن تحدث في أي منزل، لتفتح أعيننا على نتائج تصرفاتنا وتأثير الطلاق على الأطفال.

للترجمة العربية اضغط على

How Big is Your Love - Trailer

إعلان فيلم قداش أتحبني؟

blog comments powered by Disqus