المدوّنة

العودة الى القائمة

أفلام الثمانينات

18 فبراير 2013

Film: Back to the Future

بقلم إيميلي روبوش

ترجمة عروبة حسين

قرأت منذ فترة أن الثمانينات كانت حقبة الانحطاط بالنسبة للسينما، لكنه ادعاء لا أتوافق معه أبداً. ربما فعلاً كانت فترة من الضعف عاشتها السينما (على الرغم من صدور أفلام مثل “بلو فلفت” للمخرج دايف لينش، وأفلام وودي ألن، وفيلم “ران” للمخرج كوروساوا بالاضافة إلى أفلام مميزة أخرى كثيرة)، لكن أفلام الثمانينات كان لها هذا التأثير العميق والدائم، ليس فقط على السينما ولعقود تلت، إنما أيضاً على ثقافة البوب (الشعبية) في العالم.

شهدنا في الثمانينات التي بدأت كحقبة منذ 32 عاماً، الفيلم الضخم (في السرّاء والضرّاء). وقبل هذا العقد، كان عدد الأفلام التي أحدثت تأثيراً كبيراً على السينما قليلاً جداً، نذكر منها “ذهب مع الريح” و“بن-هور”. في أواسط السبعينات ظهرت لدينا أفلام مثل “جوز” (أنياب البحر) و“حرب النجوم الحلقة الرابعة: رجاء جديد” والتي تسببت بازدحام صالات السينما؛ لكن هذه الظاهرة الجديدة سادت بحق في فترة الثمانينات مع صدور حلقتين إضافيتين من فيلم “حرب النجوم“، وثلاثية مغامرات “إنديانا جونز“، و“العودة إلى المستقبل“، و“باتمان” و“سوبرمان 2”. هذه كلها أفلام تنتمي إلى الفئة التي نسميها اليوم “الأفلام الضخمة”. وظهرت في تلك الفترة أيضاً أفلاماً كوميدية وعائلية مثل “إي تي، المخلوق الفضائي“، و“صائدو الأشباح” و“شرطي بفرلي هيلز”. حينها أصبح الذهاب للسينما هو الطريقة الأولى للتسلية والترفيه، وبتنا قادرين على شراء أو استئجار الأفلام ومشاهدتها في بيوتنا.

Left: Ghostbusters (1984) Right: Star Wars: Return of the Jedi (1983)

كانت حقبة مثيرة لأفلام الأكشن والمغامرات، مع ثلاثية “إنديانا جونز” آنفة الذكر، و“داي هارد” (الموت بقسوة) و“ذا ترمينيتر” (السلسلة التي ما زلنا مستمرين بتحمّلها حتى يومنا هذا). كانت تلك حقبة بروز ستالون، شوارزنيغر، نوريس وويليس. كانت أيضاً حقبة الأفلام التي لم تعد توصف بالمبكرة جداً عن حرب فييتنام مثل “بلاتون” و“سترة حديدية كاملة“، و“صباح الخير يا فييتنام“، و“ضحايا الحرب“، و“هامبرغر هيل“، كما أقدمت خلالها الكثير من الأفلام الأخرى على تقليد إنتاجات ظهرت في أواخر السبعينات مثل “صائد الغزلان” و“أبوكاليبس ناو”.

Left: Die Hard (1988) Right: Platoon (1986)

في الثمانينات أصبح نوع أفلام السلاشر (السفاحين) سائداً جداً، وتوالت الأفلام والأجزاء. صحيح أن أول أفلام سلسلة “هالوين” للمخرج مايكل مايرز، صدر عام 1978، لكن تبعته ثلاثة أجزاء في الثمانينات. واشتهرت شخصية جايسون عام 1980 مع فيلم “الجمعة 13” والذي تبعه جزء أو نسخة جديدة كل عام من عقد الثمانينات. وانضم فريدي كروغر عام 1984 إلى المجموعة، لتشكّل السلاسل ثلاثية أشهر أفلام المرضى النفسيين، مع فيلم “كابوس في شارع ألم“، وتلته 4 كوابيس أخرى قبل نهاية العقد. وإلى جانب الأفلام الـ16 التي أنتجتها هذه السلاسل في الثمانينات، كان هناك عدد لا يحصى من الأفلام التي حاولت الاستفادة من استساغة الجماهير لهذا النوع من الأفلام.

Left: Friday the 13th (1980) Right: Pretty in Pink (1986)

غير أن النوع السينمائي الذي ساد فعلياً خلال هذه الحقبة كان ذلك الذي ركّز على حياة المراهقين اليومية، بدلاً من طرق مقتلهم المثيرة للاشمئزاز في أفلام السلاشر. كان جون هيوز المخرج الذي رسخ صورة المدارس الثانوية وموسيقى البوب وجسّد خصال فترة الثمانينات في أفلام مثل “16 شمعة“، “نادي الافطار“، “بريتي إن بنك“، “عطلة فريس بولر” و“علم غريب”. وظهرت أفلام أخرى أيضاً مثل “أوقات سريعة في مدرسة ردجمونت الثانوية“، و“هذرز” و“مغامرات رعاية الأطفال”. اشتهرت أيضاً أفلام “تجارة خطرة“، “فلاش دانس” و“فوت لوس”.

من الصعب اختصار الحديث عن السينما خلال عقد كامل من الزمن في بضعة سطور، لذلك سوف نكرّس أسبوعين كامليْن لسينما الثمانينات؛ لكني حاولت هنا إثبات ثراء وروعة الارث السينمائي الذي خلّفته لنا هذه الحقبة، على عكس ما يشاع عن انحطاطها سينمائياً. كم مرّةً تردّدت جملة “لوك أنا والدك” أو “واكس أون، واكس أوف” منذ صدرت أفلام “حرب النجوم” و“فتى الكاراتيه“؟ كم جيلاً سيأتي ويذهب قبل أن يعود باستطاعتنا النظر إلى قناع الهوكي على أنه مجرّد قناع هوكي؟ ربما كانت تلك حقبة تطوّر المجتمع الغربي بعد عقود من الاجهاد السياسي، وتطوّر التكنولوجيا وإمكانية اقتنائها بعد هبوط أسعارها، أو لربما سادت في تلك الفترة رغبة جماعية بالفنتازيا، لكن الحق أن أفلام الثمانينات كانت محبوبة لدرجة أنها أصبحت متجذّرة في الثقافة الشعبية وستظل كذلك على الأرجح لعقود قادمة.

blog comments powered by Disqus