المدوّنة

العودة الى القائمة

منتدى المواهب في مهرجان برلين السينمائي

16 فبراير 2013

It's all about meeting people at the Global Speed Matching session. © David Ausserhofer, Berlinale 2013

بقلم كليم أفتاب، من مهرجان برلين السينمائي 2013

ثلاثمائة صانعي أفلام يحتويهم منتدى المواهب بمهرجان برلين السينمائي، من جميع أنحاء العالم، ليعرّفهم ببعضهم البعض ويساعدهم على القيام بخطواتهم الأولى الصعبة في عالم السينما.

إنه فعالية واسعة النطاق، مفتوحة أمام الممثلين والمخرجين والمصورين السينمائيين والموزعين والنقاد السينمائيين والمنتجين ومصممي الانتاج والعاملين في المونتاج، والمؤلفين الموسيقيين، ومهندسي الصوت والكتّاب السينمائيين. والمذهل في هذا الحدث أنه ليس مفصّلاً على قياس واحد. فعلى سبيل المثال، كل من لديهم مشاريع أفلام لا تزال في مرحلة قص المشاهد، يتلقون النصائح من مدربين محترفين كي تخرج أفلامهم من غرف المونتاج وتصل إلى الشاشة الكبيرة، بينما ينضم الممثلون إلى فريق لصنع فيلم قصير خلال هذا الحدث الذي يستمر 6 أيام. إنه حدث للجميع بكل معنى للكلمة.

الحدث أيضاً يضم جلسات نقاش وورشات سينمائية مع عمالقة السينما. هذا العام، شهدنا نقاشات مع نجوم أمثال المخرج الهولندي بول فيرهوفن، ومدير التصوير العظيم ماثيو ليباتيك، والامرأة الوحيدة الفائزة بسعفة ذهبية جاين كامبيون، والمخرج المعروف بأسلوبه الواقعي الاجتماعي كن لوتش، والممثلة الأسطورة أنيتا إيكبيرغ. شهدنا أيضاً ما يسمّى باللقاءات السريعة حيث التقى مخرجون بمصورين ومنتجين وكتّاب سينمائيين. كانت هناك أيضاً ورشات حول صناعة الأفلام المستقلّة، وتمويل الأفلام والتوزيع وأيضاً المونتاج واستديوهات التسجيل. ليس من المفاجئ إذاً أن يتقدّم 4443 شخصاً للمشاركة في النسخة 11 لهذا الحدث، بفضل سمعته ومقامه. أما أن يقع الاختيار عليك فهذا أشبه بشعور العثور على قدر مليء بالذهاب في نهاية قوس القزح.

أحد المحظوظين هذا العام كان عبدالله الغالي الذي يعيش في مصر. يتم إيواء المشاركين المقبولين في نزل وبينما يعتبر توطيد العلاقات المهنية هو أبرز نشاط لهذا الحدث، إنها طريقة الاقناع التي تهم فعلياً. يبدأ عبدالله قائلاً: “جئت مع فيلمي الوثائقي الأول “القاهرة-الرحيبات”. تدور قصته حول عائلة غريبة وبيتها الواقع في جبال ليبيا. والدي نصفه من ليبيا وكان ضابطاً في أحد الجيوش، ثم انتقل إلى مصر حيث ولدت. ولدت فكرة الفيلم بعد اندلاع الثورة في مصر وليبيا ودفعتني للتفتيش عن موطني. يقول والدي إنه بعد الثورة، بات قادراً على إخباري بالسبب الذي ترك من أجله ليبيا”.

تمكن الغالي من الاشتراك في ورشة مونتاج بعيداً عن مباني “هاو” الرئيسية التي تستضيف جلسات النقاش والورشات الأخرى. وهناك تتوافر 10 غرف مونتاج تعرض فيها الأفلام المختارة وتُناقش. الجزء الأهم هو الارشادات التي يقدّمها خبراء سينمائيون لصانعي الأفلام، وخلال هذا الأسبوع، قدّم لهالارشادات هذه كل من ديك فونتان، وسوزان كوردا، وجايكوب كريستشن هوغل.

ويعلّق الغالي على هذه الفترة قائلاً: “في اليوم الأول ناقشنا المشاريع، وقدّمنا أفلامنا والتقينا بالمدربين. ثم عملنا معهم وفي اليوم الأخير قدمنا شرحاً عن إنجازنا”.

يقرّ أن أهم درس تعلمه هو الحاجة لفهم وجهات النظر المختلفة. يقول: “إن كان العرب فقط يشاهدون الفيلم فسيفهمون بسرعة لأنهم يعرفون الكثير عن ليبيا والأوضاع في الشرق الأوسط. لكني تعلمت أن المدربين الأجانب وصانعي الأفلام الآخرين في المنتدى لا يعرفون الكثير عن المنطقة، وهذا دفعني للتفكير في المعلومات التي أريد إيصالها للجمهور الأوسع”.

بدأ الغالي الذي ولد في الاسكندرية وهو في الثامنة والعشرين من عمره، الرسم ومشاهدة الأفلام في سن المراهقة. كان في السادسة عشر من عمره حين صنع أول فيلم رسوم متحركة. وحول المنتدى يقول: “بالطبع سأصبح صانع أفلام أفضل بفضل هذه التجربة”.

أحد المدربين العاملين في منتدى المواهب هو المونتير أندرو بيرد. أشهر أعماله تتضمن العمل على مونتاج أفلام مثل “هيد أون” للمخرج فاتح أكن والذي فاز بجائزة الدب الذهبي وفيلم “المستقبل” للمخرجة ميراندا جولاي. يمارس التدريب في المنتدى منذ ثلاث سنوات ويقول: “يعمل المونتير المدرب في غرفة مونتاج ليساعد أصحاب المشاريع على تحسين وتطوير أفلامهم التي يعملون عليها، لا سيما تلك التي وصل بها المونتير والمخرج إلى حائط مسدود وهما بحاجة إلى رؤية جديدة. يشاهد المدرّب الفيلم والمشاهد التي تم قصّها ثم يقضي اليوم في إعطاء النصح والارشاد للمونتير والمخرج وتشجيعهما على اتجاهات جديدة”.

ويقول إن المدرّب كالمشارك، يستفيد من حضور المنتدى. “فبالنسبة للمحترفين، من الرائع التعرّف على كل هؤلاء الناس، وهكذا يدركون أن ثمة أشخاص لا زالوا يؤمنون بأن السينما قادرة على تغيير العالم. أما بالنسبة للمواهب المشاركة، فأعتقد أن أروع ما يحدث لهم هو لقاؤهم بمحترفين سينمائيين والاستماع إلى إرشاداتهم. كما يستفيدون في المنتدى من ناحية تطوير شبكة علاقاتهم المهنية والتي ستساعدهم كثيراً في المستقبل”.

لا شك أن منتدى المواهب هو الجزء الأكثر إثارةً في مهرجان برلين السينمائي. فور دخولك مبنى “هاو” تشعر برهبة كبيرة، لا سيما لدى رؤيتك كل تلك العقول المبدعة التي تخضع للتشجيع والتدريب والمساعدة على تحقيق أحلامها. أما بالنسبة للمشكّكين في فائدة هذا المنتدى، أقول إن المخرجة البوسنية ياسميلا جبانيتش فازت بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم، بعد بضع سنوات من مشاركتها في منتدى المواهب.

blog comments powered by Disqus